نالت جزيرة فيله أهمية بالغة لدى المصري القديم، وذلك نظراً لموقعها المتميز، حيث حددت جزيرة فيله وجزيرة أسوان حدوداً جغرافية طبيعية، كما ذُكرت خلال النصوص المصرية “بالخط الفاصل” لأنها كانت تمثل آخر حدود مصر في الجنوب، كما اشتهرت الجزيرة بوجود آثار من العصور الفرعونية والإغريقية والرومانية، إضافة إلى التصميمات المعمارية الفريدة.
وفي هذا السياق، أوضح نصر سلامة، خبير الآثار ووكيل وزارة الآثار بأسوان سابقاً، أن معبد فيله بمحافظة أسوان يُعرف بـ”لؤلؤة الجنوب” وقصر “أنس الوجود”، ويُعتبر هذا المعبد هو الوحيد في مصر المبني على جزيرة تتوسط نهر النيل، كما أن المعبد وملحقاته تم بنائهم خلال العصر البطلمي على جزيرة تقع حالياً بين السد العالي في الجنوب وخزان أسوان في الشمال.
وتُرجح بعض الرويات اختيار هذه الجزيرة لبناء المعبد إلى أسطورة “إيزيس وأوزوريس”، حيث عثرت “إيزيس” على قلب زوجها بالقرب من هذه الجزيرة، حين قام أخيه “ست” بتقطيع جسد أخيه أوزيريس إلى 14 جزءا، وقامت “إيزيس” ببناء قبر لزوجها على جزيرة “بيجه” القريبة من المعبد، بحسب الأسطورة.
ويرجع بناء المعبد إلى العصر البطلمي والروماني، إلى جانب بعض المباني الأثرية من عصر الأسرة الـ25 والأسرة الـ30.
كما أُشتق لفظ فيله من الكلمة الإغريقية “فيلاي” بمعنى الحبيبة، وقد عُرفت في الأدب العربي باسم “أنس الوجود” لارتباطها بقصص التراث الشعبي.
وأضاف سلامة أن معبد “إيزيس” يعد المعبد الرئيسي بالجزيرة، فهو يحتل ربع مساحتها، وقام بتشييده الملك بطليموس الثاني مكان معبد آخر أصغر حجماً كان مكرساً أيضاً لإيزيس ومخصصاً للجنود المكلفين بحماية حدود مصر الجنوبية. وساهم الكثير من الملوك البطالمة في بنائه مثل بطلميوس الرابع والخامس والسادس والسابع والحادي عشر.
كما يوجد في الجزيرة معبد كُرس المخصص لـ”حتحور” ومقصورة “نخنتنبو الأول” ومقصورة “طهرقا”، ومعبد الأمبراطور أغسطس ومعبد حورس ومقصورة تراجان ومقياس للنيل، وبوابة دقلديانوس.
وتعرضت جزيرة فيله وما عليها من آثار إلى الغرق تحت مياه النيل بعد بناء خزان أسوان والسد العالي، مما دفع الدولة بالتعاون مع اليونسكو إلى أعمال إنقاذ على مرحلتين، الأولى من 1974 إلى 1980 والثانية في عام 2012.
وتركزت المرحلة الأولى حول فك ونقل وإعادة بناء المعبد على جزيرة مجاورة “أجيليكا”، والتي هي أعلى ارتفاعاً لتتفادى منسوب المياه المرتفع، وكانت عملية النقل بمعرفة شركة إيطالية من خلال حملة منظمة من اليونسكو.
وتركزت المرحلة الثانية على إعادة بناء معبد “حتحور” من خلال فريق عمل مصري من خلال الأثري نصر سلامة وفريق عمل مصري من خلال صندوق آثار النوبة.
المصدر: العربية نت